ايه رأيك فى المدونة ؟

السبت، 8 مايو 2010

بأى حال عدت يا عيد

يشعر بالعطش على نحو مفاجىء كعادة كبار السن او من رحل بهم العمر الى ارذله..

فيقوم ليذهب الى دورة المياة التى تقع على شماله

من موقعه بوسط غرفة المعيشة بشقته التى يقطنها


بمفرده ..

لكنه لم يستطع القيام حيث ان الشرائح المثبتة بقدمه منعته هذه المرة


احس بعبرة _ دمعة _ ساخنة تسيل على وجنته اليمنى

فهو الذى كان ملىء السمع والبصر

منذ عشر
سنوات فقط

اصبح الان كائنا ضعيفا مريضا وحيدا

بعدما ماتت زوجته الطيبة وتزوج ابنه وبنته وتركوه

وحيدا ولا يقوموا بزيارته الا فى المناسبات لحفظ ماء وجههم امامه

حيث انه لم يبخل عليهم بشىء وهم صغار

فهو الموظف الحكومى المخلص الذى اخلص وتفانى فى عمله


صباحا ومساء وكان يعمل باحدى محلات الملابس الجاهزة

كى يتعلم اولاده ويعيشوا حياة ميسورة


كان يعمل لخمسة عشر ساعة متواصلة

ولكنه عندما بلغ الستين من عمره ان الاوان للاستراحة من العمل


الوظيفى لكنه ابدا لم يسترح فالجلوس فى المنزل وحيدا بلا عمل

هو اكبر عذاب لشحص نشط مثله


حتى عمله بالمحل قد ذهب ادراج الرياح حيث تمر البلاد بحالة كساد

مما ادى بصاحب العمل الى توفير


العمال وكان بطلنا منهم

هو الان ينام ليلا ونهارا ولا يفعل فى يومه سوى طهو بعض المأكولات

وقراءة الجرائد


وينام ليحلم بكوابيس مفزعة يقوم على اثرها من نومه وجسده كله مبللا بالعرق

يتصل بأولاده فيرد حفيده ليخبره بأن امه نائمة

والطفل البرىء ينسى السماعة مرفوعة فيسمع الكهل


العجوز صوت ابنته وهى تقول _ شاطر ياحبيبى _

حتى ابنه الاكبر عندما ينظر فى عينه الشابة يحس وكأنه يقول له .متى ستموت كى ارثك ؟

يهبط ادراج بيته ليذهب الى احد اصدقائه فى العمل

والذى احيل للتقاعد بدوره ويطرق الباب بيديه الواهنتان


اللذان شق فيهما الزمن خطوطه وحفرت بهما الدنيا تجاعيدها

ينتظر اجابة فلا يجد سوى الباب المجاور لشقة صديقه

ينفتح واحدهما يقول ان المتوفى قد مات


لانه وقع على الارض بينما يهم بالجلوس على الكرسى

ولم يحتمل جسد المتوفى المريض اهوال السقطة المفاجأة...

تصعقه الصدمة وكأن احدهم قد سكب عليه دشا من الماء البارد فى صقيع يناير

ينزل ادراج بيت صديق عمره ورفيق حياته والدموع لا تريد ان تخرج من مقلتى عينيه

حتى الدموع تعانده

ربما فقدت عينيه القدرة الفسيولوجية على انتاج الدموع...

فينظر الى السماء فى بؤس ويتمتم

انها الشيخوخة تفعل ماتريد

يقترب عيد الاضحى ...

انه الموعد الذى ينتظره منذ شهرين حيث ان اولاده يزورونه اول يوم فى العيدين الفطر و الاضحى

فلذات كبده يزورانه يومان فقط فى السنة .........

فينزل ليصلى صلاة العيد وهو مبتسم ومتفائل برغم ان السماء ملبدة بالغيوم

ويعود لبيته ويمنى نفسه بزيارة ابنته الصغيرة وزوجها وابنه الكبير وزوجته وجميع الاحفاد

يعد الدقائق والثوانى وينتظر بين الفينة والاخرى ان يدق احدهم الباب

ويتوقع من سيأتى اولا ويخمن انهاا ابنته لانها عودته على ذلك

ينظر الى عقارب الساعة والسكون المطبق يلتهم روحه

دقات العقارب
يزيد صوتها ارتفاع وبالرغم من سمعه الضعيف

الا انه يسمعها بوضوح لتخترق الدقات طبلة اذنه وكأنها تخبره بأن ميعاد قدومهما قد فات

دقات العقارب

تضغط وبقوة على اعصابه

التى لا تحتمل مثل هذه المواقف شديدة الصعوبة فيقول لنفسه بأنهم اوشكوا على المجىء....

يتناول الهاتف ليطلب ابنته ويرد حفيده الصغير بأن امه قد ذهبت فى _ مشوار مهم _

وكعادة الطفل الصغير ينسى ان يضع السماعة ويغلق الخط ...

وللمرة الثانية يسمع صوت ابنته تقول لحفيده

_ هديك عيدية كبيرة المرادى _

وفى هذه المرة انفجر الدمع من مقلتى الرجل العجوز أنهارا ..

حتى بللت ذقنه التى حلقها لاستقبال اولاده

وتجاوزت الدموع ذقنه لتبلل ملابسه

ويحس حينها بأن قدميه قد تخوناه من فرط الصدمة فيتهاوى على

الكرسى الصغير لكنه يتجاوزه ليسقط على الارض

ولم يحتمل جسده المريض اثار السقطة المفاجئة
يحاول ان يستجمع قواه التى خارت

لينطق اى لفظة استغاثة فلا تخرج الكلمة من فمه

وفى هذه اللحظة مر امام عينيه شريط حياته وهو يرى امهما تلد اطفاله

وهو يذهب بابنه الى المدرسة

وهو يعمل حتى الصباح فى دورية كى يسدد لاولاده

مصروفات العام الدراسى الجديد

وهو يقبل جبهة ابنته ليلة زفافها

وهو يعطى لابنه النقود كى يدفع مصروفات المستشفى لحظة ميلاد حفيده

يرى كل هذا فى مشاهد متلاحقة تمر عليه

كأنها _ برومو فيلم اقترب ميعاد عرضه _

... يعرض المنتج اهم لقطاته على المشاهدين فى دعاية للفيلم كى يدخلوه

واخر المشاهد التى يراها قبل ان يلفظ انفاسه الاخيرة

مشهد زوجته الحنون وهى تموت لتتركه فى وحدة

وعزلة لم يجد لهما حلا ابدا

لم يجد بعد رحيلها سوء جحود الابناء والفراغ القاتل والمرض وتشابه الايام

يلفظ هنا انفاسه الاخيرة....

وهنا
يدخل ابنه الكبير ويتفحص جثة ابيه باشمئزاز

ويتأكد من وفاته ليقول لزوجته بلهجة المنتصر

_ اخيراااا مات _

cut





12-12-2008

هناك 4 تعليقات:

غير معرف يقول...

أخيرآ يامحمد كتبت حاجة جديدة هو أنت بتشوقنا لكتباتك الأكثر من رائعة وتتأخر علينا كلن الوقت ده ده حتي يبقي حرام
بس بجد ربنا يوفقك وبالنسبه للقصيدة دي هي فعلآ فعلآ بتحصل حقيقي بس أنا أعرف أن البنت بتكون أحن من الولد معلش آسفة بس هي دي الحقيقة ودائمآ لما أسمع عن قصص بالنوع ده وتكون حقيقي بيكون الإبن هو اللي جاحد لكن أجب أقول أن "كما تدين تدان " ودي مثل أنا بؤامن بيه جدآ جدآ . وربنا يوفقك ومتتأخرش علينا تاني .

بنت دمياط يقول...

أخي العزيز الأديب

كل الكلام اللي بقولو ليك كل مرةعن شوقي لأي حاجة تكتبها سبقني وقالوا أو قالته غير معرف

بس أنا أحب اضيف انك هتخليني النهاردة أنام وانا المخيلة بتاعت عقلي متشبعة بفن راقي ومعاني رائعة

أنا بفتح المدونة يوميا بعد صلاة الفجر وقبل ما أنام..يعني بفتح عيني عليها وبغمضهم بردة عليها

وبصراحة كنت بازعل أوي لما مش ألاقيك كاتب حاجة جديدة..بس بردة انا سوسة وكنت بتصرف..كنت بفضل أقرأ كل الموضوعات القديمة اللي في المدونة

..................................

طبعا بغض النظر عن اني متفقة معاك

تماما في ان القصة دي واقعية جدا

وحقيقية وتثير الاشمئزاز

بس أنا عايزة أقولك ان انا غيرانة منك

جدا..بجد كل مرة بقرأ حاجة ليك بحس فيها انك انسان مثقف جدا وواعي وتفكيرك راقي..

بجد طريقة صياغتك للعبارات وسردك للأحداث بشكل شيق بتخلي القاريء ميملش

من القراءة والأجمل اني بتصور المشهد كأنو قدامي بكل تفاصيله..

بجد دا منتهي التمكن منك..

وأحب أقولك

انتا انسان مستفز..أيوة مستفز

بصراحة انتا مستفز بذكائك ..مستفز

في فنك الراقي..مستفز في درجة وعيك وثقافتك..بجد ياريني أوصل لأني أكون بربع ثقافتك أو تفكيرك الواعي الراقي دا..

أخيرا ومن غير ما أقولك انتا اكيد عارف

اني بدعيلك من قلبي ربنا يوفقك..وتكون انسان عظيم الشأن والمقام زي مانتا عظيم الشخصية

أحلي سلااااااااااااام

أختك... بنت دمياط

محمد سمير يقول...

غير معرف .. طبعا دائن تدان

او بالبلدى كله سلف ودين

وطبعا البنت اكتر احساس ومشاعر وعاطفة من الولد

لكن ده ما يمنعش ان البنت -احيانا- بتبقى اكتر جحودا من الولد

شكرا ليكى

محمد سمير يقول...

بنت دمياط

للمرة الالف انا شايف نفسى محدود الثقافة وانسان بسيط جدا يملك من الموهبة القليل

وكل اللى بعمله انى لما بحس بخرج الاحساس على ورق

دايما كده بتحرجينى وتكسفينى بكرمك الشديد فى وصف كتاباتى واسهابك فى وصف جمال ما أقدم

صدقينى انا مستحقش حتى نص كلامك

شكرا بجد