ايه رأيك فى المدونة ؟

الأربعاء، 6 يونيو 2012

زى النهاردة .. الشهد والدموع



28 - 1 - 2011

قبل صلاة جمعة هذا اليوم وبينما كنت أبتاع كيلو لحم من عند الكيلانى وجدت الجزار البسيط مندهش ويسألنى بما أننى شاب ويظهر علي العلام - متعرفش الموبيل واقع شبكة ليه - قلت له .. انها الحكومة .. خائفة من مظاهرات بعد الصلاة

رد  بغضب  _ الم**صين

سمعت  زبون اخر يعقب : فاكرين اننا مش هنعرف نتجمع ومش هننزل مظاهرات

لاحظت من لهجة كلامه ومظهره انه بسيط جدا ومع هذا يدرك أبعاد المؤامرة ويصمم على النزول

 غادرت بعد ان اطلقت وابلا من الشتائم   وانا فى قيمة الغيظ من نطاعة وبجاحة هذه الخكومة 

وتوقعت ان تقلل هذه الخطوة من اعداد المتظاهرين

أذن المؤذن بصلاة جمعة 28 .1 .. كنت قد عرفت ان المسيرات ستبدأ من مسجد الرحمن
لحقت الجزء الاخير بصعوبة من الخطبة بعد ان جريت مسافة لا بأس بها من منزلى الى المسجد بالمطرى وجدت ان المسجد
قد فاض بالمصلين

وان كثيرا جدا يفترشون  الاسفلت المحيط  بالمسجد _ فهمت من هذا ان الاخوان يحشدون كل قوتهم وتفاءلت جدا

طبعا تحدث الامام عن دعاوى الفوضى والمظاهرات المخربة التى ستندلع بعد الصلاة وحذر طبعا منها ..
اقلقنى هذا بشدة

خصوصا عندما انتهت الصلاة ونظر العشرات الى بعضهم منتظرين صيحة البدء.. ولم يبدأ أحد

.. طال الانتظار خمس دقائق حتى قطع احدهم عذاب الصمت بالجملة التى لن انساها ابدا

والتى بدأنا بها مظاهرات هذا اليوم

( قولى يا ظالم مين اختارك _ يسقط يسقط حسنى مبارك )

وانطلق المئات ..

وسرنا من المسجد فى الشارع المؤدى الى ميدان سرور ( شارع المشربية ) وتحول المئات فجأة الى ألاف عندما وصلنا الى المسجد الجديد فى قلب الميدان ..  كان الهتاف هادرا ينطلق بــ غل وعنف من الحناجر ..
وكأن الارض تهتز من تحتنا

التفت  الى الوراء وقفزت كالاطفال حتى ارى نهاية المظاهرة فوجدت العدد اكبر مما أتخيل

حين رأيت العدد والقوة فى الهتاف واليقين الذى تلمع به العيون أيقنت أننا لن نرجع عن حسنى مبارك 

وصلنا الى ميدان البوستة فوجدنا حشودا تخرج من شارع الجلاء   تفوقنا عددا   وحشودا اخرى  قد تمركزت فى حديقة عائشة عبد الرحمن أتت من مسجد البحر

أحسست بان قلبى سيخرج من صدرى من عظم الفرحة

لقد تحولنا بعد ساعة من انتهاء الصلاة الى عشرات الألاف بدون أدنى مبالغة

ورأيت الناس تتحدث عن مسيرات جاءت من الشهابية ومسيرات من باب الحرس ومسيرات من الشعراء 

تقدم الجميع للأمام ناحية مقر الحزب الوطنى بجوار مبنى المحافظة رافقنى محمد قابيل ومحمد سلامة وعمر فايد وأحمد الجناينى

ودوت الهتافات العنيفة جدا لتشق عنان السماء وكان هناك عربة امن مركزى كبيرة- ناقلة جنود -بين مبنى المحافظة

ومبنى الحزب الوطنى  وقد وقف بعض الثوار امامها خوفا على جنود الامن المركزى المرتعشين بداخلها

نظرت خلفى وجدت ان المسافة من مسجد البحر حتى المحافظة - تقريبا من 2 - 3 كيلو ممتلئة بالثوار
المتحفزين المتحمسين

أجفلت من هول العدد والزحام

ترددت الهتافات تلو الهتافات واشتد الزئير واحس الناس بالقوة وانقطع اخر حبل للخوف فى قلب الشعب المصرى سمعت من احدهم ان السوايسة رجالة ويجب ان ننصرهم وسمعت من الاخر من يقول بحسرة ان الشعب المصرى كله يعتقد ان الدمايطة جبناء  خانعين ماديين وهو ما يحز فى نفسه جدا ويحزنه وردد بأنه - محدش أحسن منا - احنا رجالة زيهم  

تسلق أحدهم بوابة الحزب الوطنى وحطم كلمة الحزب الوطنى المصنوعة من البلاستيك ليهتف الناس الله اكبر وتبدأ عاصفة الطوب والزلط المنهمر على المقر

تهشم الزجاج وتقدم البعض لاحراق البوابة  .. تقدم البعض الاخر من المبنى وتسلق درجات سلم المبنى  لتكسيره من الداخل


سمعت عمر فايد بجوارى يقول معاتبا : ( كان كفاية اننا نكسر اسم الحزب البلاستيك كرمز لسقوط الحزب مكنش ليه لزمة كل التكسير ده 

لم يستغرق الامر مجرد دقائق معدودة حتى تمكن الالاف من تحطيم المبنى بالكامل من الداخل والخارج  وحرق بوابته

رأينا  عربات امن مركزى مدججة بالجنود تأتى من ناحية السد .. تراجع البعض خوفا وهرولوا ناحية ميدان البوستة وبقيت الغالبية

دخلت العربات المصفحة من خلف مبنى المحافظة  لتضرب أول قنبلة مسيلة للدموع 

كان نهر النيل فى ظهرنا وهم أمامنا ..  فسقطت كل قنابلهم فى الماء

استغل الجميع عدم وجود  رصاص حي ونزول كل القنابل فى المياة

و قصفناهم بالطوب  حتى أدميناهم

ورأيت من يستخدم خرطوم المطافى الضخم التابع  لمقر الحزب   ويسلطه ناحية جنود الامن المركزى ليتراجعوا اكثر

كان عددنا اضعاف اضعاف عددهم

وكانت السماء تمطر عليهم حجارة

لكن لا ادرى من الغبى  الذى هتف بنا الى الامام وجعلنا نتقهقر ليكون جنبنا الايمن ناحية الماء والايسر ناحية مبنى المحافظة  ليتقدم الجنود  بمواجهة مقر الحزب المحترق ويكونوا فى مواجهتنا بطول الشارع

 وتسقط عشرات القنابل فوق رؤوسنا

قل  عددنا  تدريجيا وتقدموا هم تدريجيا لكن ظللنا اضعافهم فى العدد برغم ان الكثير تراجع من خطوط المواجهة ليقف متظاهرا بالهتافات والاعلام فى ميدان البوستة حيث تتجمع اعداد كبيرة من الاخوان

ظهرت اعداد اخرى من الجنود واصبحت قاذفات القنابل اكثر ليتبدل الوضع وتمطر السماء قنابل مسيلة  علينا
وتنهمر من عيوننا انهار من الدموع

لكن المقاومة كانت عنيفة بحق وكان تقدمهم بطيئا جدا برغم ان عددنا يتناقص وقوتنا تتناقص وعددهم وسلاحهم يزيد

وجدنا الامهات الباسلات يلقين علينا عشرات حبات البصل ووجدنا من يسقط على الارض مغشيا عليه ليدخل الى مستشفى الشربينى ليتلقى العلاج وجدنا ايضا زجاجات الخل فيما بعد تسقط علينا فى -  الشنطة المسماة بالسبت - لتطهير العيون التى فاضت بالدموع

وجدنا زجاجات المياة الغازية وقد تطوع بعضهم ليمسح بها وجوه الثوار التى لولا الله ثم هى ما صمدنا ساعة اخرى

وجدت بعد مرور ساعتين من الاشتباكات ان عدد المواجهين لقوات الامن المركزى  تناقص الى مائتين بينما تقهقر الالاف
الى ميدان البوستة

لكن كان حماسنا يشتد وكانت القنابل تتزايد حتى ان معدل اطلاق القنابل وصل الى  اربع  قنابل   فى الثانية الواحدة 

لم نكن نملك اكثر من الحجارة والحواجز التى نشعلها نار لمنع تقدمهم

لكنهم كانوا يتقدمون وكنا نتقهقر ..

ونحتمى بالشوارع الجانبية نتقدم امامهم لنضرب ثم نرجع لنحتمى من القنابل فى الشوارع الجانبية

لكن كان هناك بواسل فى المواجهة لم اكن ابدا فى الخط الاول معهم كنت خلفهم فى الخط الثالث وربما الرابع

بدأت ارى ان الثوار يمسكون بالقنابل ويلقوها بنهر النيل فيهلل الجميع أن الله اكبر

وتطور الامر فرأيت الثوار يمسكون بالقنابل ليعيدوها ناحية الامن المركزى

رأيت من يلف انفه بكمامة او منديل

تلفت انفى فلم يعد يجدى البصل لأستعين بزخات من المياة الغازية

انطلقت قنبلة ورايتها تهبط ناحية رأسى فجريت للخلف حتى اتجنبها لتسقط اخرى امامى فأعبر فوقها ليستقر اغلب دخانها فى صدرى

الالم كان عاتيا لم اشعر بمثله فى حياتى

اجرى للأمام ناحية جموع الثوار  ولا ارى شىء تقريبا والهواء يقل تدريجيا والدموع تنهمر كما لم تنهمر من قبل تعالى صراخى   وأحسست اننى بين ثانية واخرى سأسقط على الارض مغشيا علي
انا الذى لم أفقد وعيى منذ ولدت قط

حتى وجدت فجأة من يلطمنى على وشى بحفنة من المياة الغازية وكأنهم لوح الخشب الذى تعلق به الغريق لينجو من الغرق

سقطت ع الارض من المعاناة وجدت فوقى كثير من الناس ورايت وجه محمد قابيل  قلقا جدا

أحسست بمفعول المياة الغازية السحرى يزيل اثار الدخان من جسدى  فوقفت من جديد لأرد عليهم بالحجارة

لكن كنت اقل قوة واقل حماسة واكثر تقهقرا للوراء

تقدموا اكثر حتى وصلنا الى عمر افندى

رجعت الى قهوة العيسوى فوجدت ان المظاهرات اقوى واشد فى القاهرة والاسكندرية والسويس والمنصورة وطنطا والمحلة 

وجدت متظاهرين  كثر يتابعون المواجهات بين الثوار وجنود الامن ويرفضون المشاركة او المساعدة .. يكتفون بالتشجيع من بعيد

كنت وقتها قد ابتعت زجاجة بيبسى وقررت اسعاف الثوار بدلا من المشاركة فى قذف الحجارة

رأينا  فى احد الشوارع القريبة من عمر أفندى سيارة يقال انها سيارة ظابط تندلع منها النيران التى علت بشدة


مرت الساعات وعددنا يتناقص 

ولاحظنا انهم يتغيرون علينا وانهم يدفعون فى المواجهة بتشكيلات جديدة يستبدلون بها القديمة

استمرت الاشتباكات حتى تراجعنا قرب مسجد البحر وتقدموا هم الى ميدان البوستة

وهناك من اختبؤوا  بشارع الجلاء فتارة يضرب الامن فى الجلاء  وتارة يضرب علينا عند مسجد البحر

كنت فى هذا الوقت قد نزعت السترة الداخلية لألفها على انفى .. وقد اكتسبت مناعة من تأثير القنابل المسيلة

سمعت أذان المغرب ينطلق من مسجد البحر دخل البعض وانا منهم لنؤدى الصلاة خرجت لارجع الى المنزل  من ظهر مسجد البحر


دخلت البيت

ليشيعنى الجميع بنظرات اللوم والعتاب ورأيت ابى  وقد أوشك الدخان ان يتصاعد من أذنيه يؤنبنى انى اغلقت الموبايل و يصيح فى وجهى  بان  أحدهم رأنى

  ملقى على الارض وعيونى حمراء كحبات الطماطم وقد أبلغه هذا الشخص وعندما اتصل ابى وجد تليفونى مغلق فكاد أن يجن

ابتسمت فى صمت فلن يضيرنى ان اتلقى بعض التوبيخ المشوب بخوف علي

تابعت فى صمت الاحداث على الجزيرة

لم اقوى  على الحديث مع احد بالمنزل لان صوتى قد ضاع فى الهتافات

أحسست بأن عينى تؤلمنى بشدة وكذلك انفى

لكن فرحتى والنشوة التى ملئت قلبى غلبتا كل ألم

فرحت أكثر  عندما قرأت فى شريط الاخبار الخاص بالجزيرة جملة لن أنساها ما حييت

:

مصادر للجزيرة : الألاف يضرمون النار بمقر الحزب الوطنى فى دمياط

رقص قلبى بين الضلوع ..

لم يذهب تعبنا ودموعنا هباء .. سمعنا العالم

رجحت ان يكون مصدر الخبر الصديق المناضل : محمد منصور

علمت بنزول  قوات الجيش فى اسكندرية والسويس والقاهرة

بدأت اشتم فى الاجواء رائحة الحرية

بدات شبكات المحمول فى العمل من جديد

دخلت الى الكمبيوتر لاشغل اغنية يابيوت السويس

دمعت عيناى من فرط الفرحة والتأثر

نمت نوما عميقا

وانا موقن للمرة الاولى فى حياتى

انا مصر غدا ستكون أفضل

وأن الأسوأ  فى حياة هذا الوطن قد انتهى الى الأبد

الى الأبد


.... 

( :

ليست هناك تعليقات: