ايه رأيك فى المدونة ؟

الأحد، 7 فبراير 2010

فى الشارع المظلم الطويل .. من مذكرات خريج جامعى

يمشى بخطوات منكسرة فى نهر الطريق يود ان يذهب الى اى مكان اخر عدا بيته
فهو الشاب الجامعى الذى تخرج من كلية الاداب وكان يظن ان الدولة ستفى بوعودها وتعطيه اى وظيفة يكسب منها قوت يومه ولكن هيهات
هو ايضا كان يتوقع هذا وكان والده الموظف الحكومى يعمل بعد الظهر كسائق تاكسى كى يعيشوا حياة _ مستورة _ ولم يكن بقلبه اى هم او كرب سوى مصالحة حبيبته داليا عندما تغضب
قصة حب ملتهبة ولدت ونمت وكبرت بين اسوار الجامعة
كان شابا وسيما وكذلك هى .. كانت فتاة جميلة والجميع كانوا ينظرون لهم بنظرات اعجاب ممزوجة بحقد
وكانوا يتوقعوا لهم مستقبلا مشرق
وامه ايضا كانت تساعد فى مصروف البيت حيث انها كانت تحيك بعض الملابس على الة الحياكة _ الخياطة _ الخاصة بها وهذا كى يعيش ابنها الوحيد حياة كريمة
ولكن ... واه من هذه الكلمة التى تمزق سيقان امم وشعوب
فالرياح اتت بما لا تشتهى السفن ..
فور تخرجه من الجامعة واستعداده لخطبة رفيقة دربه داليا التى رفضت الكثير من الشباب حبا له وانتظارا لليوم المنتظر
توفى والده اثر حادث سير فبات هو وامه يعيشان فى ظل معاش الوظيفة الهزيل لا يغنى ولا يسمن ...
وقد باعا التاكسى لسداد ديون كانت على المتوفى ... الذى لم يخبرهم بهذه الديون لسبب لا يعرفوه ....
ربما هو الكبرياء او ربما هى عزة النفس ... الاهم ان التاكسى ذهب فى ادراج الرياح
اما الام المسكينة.... الان لم تعد تقوى على الحياكة فبعد موت زوجها حزنت حزنا شديدا وهى اساسا مريضة بمرض السكرى ( السكر ) والضغط والقلب وكان الدخل الذى يكسبه زوجها يصرف نصفه على شراء الدواء لها
مات الرجل .....وضعف بصرها من كثرة الدموع على الاوضاع التعسة التى تعيشها هى وولدها بعد موت زوجها
حتى ساءت حالتها لدرجة جعلت الوان الملابس التى تحيكها ( تخيطها )غريبة وغير متناسقة... الام بلا شك لم تعد تملك من نعمة البصر الا النذر اليسير
وكانت النساء رحيمات بها كل الرحمة فهن يأخذن ملابس لا يرتدونها ويدفعون لها النقود شفقة واحسان
اما الشاب الذى نتحدث عنه
جاء الان دوره
قد تخرج ويجب ان يفى بكلمته التى قطعها على نفسه ويخطب داليا.....
ولكن من اين له ان يأتى بتكاليف الخطوبة.... هو كان يعتمد على والده ....
والان ..... هو ليس مؤهل ابدا ان يخطب او حتى يحلم حتى بهذا
يجب ان يعمل اولا كى يسدد مصاريف علاج الدته
التى لولا عناية الله ثم ولاء واصالة الجيران
لمااتت ضحية لغيبوبة السكر التى تداهمها بين الفينة والاخرى... فهم الذين ينقذوها بابلاغ الاسعاف او بدفع ثمن الادوية
قد مضى يومه يبحث عن اى عمل ولكنه لا يجد
انه على هذا الحال منذ ثلاثة اسابيع ... اى منذ توفى والده
ودائما يعود بخفى حنين الى بيته منكسرا يبكى وحيدا فى غرفته يشق صوت بكاؤه سكون الليل
حتى داليا قد تركته وتمت خطبتها لاحد اقاربها الذى يملك الشقة والسيارة والذى عاد لتوه من رحلة عمل بالخليج
لا يهم ان هذا العريس يكبرها بخمسة عشر عاما دفعة واحدة الاهم انه يمتلك المال الذى يسيل امامه لعاب والد داليا
يمشى فى الطريق الطويل الذى يعود منه الى بيته كل يوم
يمشى تحت هطول المطر وصقيع شتاء يناير لا يدرى ماذا يفعل او ما الذى تخفيه الايام القادمة
يبكى حتى بللت الدموع لحيته المشعثة التى لم يحلقها منذ توفى والده
لايدرى لماذا استغرق كل هذا الوقت وهو يمشى فى هذا الشارع
هل تثاقلت خطواته ام انها شيخوخة مبكرة ام ماذا ؟
يعلو صوت بكائه حتى سمعه المارة الذين يسرعون الخطا طمعا فى الدفء
يغنى بصوت شرخه البكاء .مقطع من اغنية العندليب الخالدة _ موعود _
_ ياقلبى .....عمرك ماشفت معايا فرح .... كل مرة .... ترجع المشوار بجرح .....
وفجأة يقطع صوته المتهدج الذى يشوبه البكاء صوت الاذان الذى ينطلق من المسجد
الذى يقبع فى نهاية الشارع الطويل
والمنادى ينادى الله اكبر
يحس بدفء غريب وراحة عجيبة وهو يستمع الى الاذان
تصيبه حالة ذهول لانه يسير فى هذا الشارع كل يوم ولا يلمح هذا المسجد ابدا فى نهايته
يتذكر انه بعد عن ربه ... لا يصلى ولا يدعو الله ولا يشكو اليه ضعفه بل يشكو ضعفه للناس
....................................
يدخل ليتوضأ ويغسل وجهه الملىء بالدموع ويقف خلف الامام يصلى الفجر فى جماعة
يغمره سلام نفسى غريب وينسى همومه وكانه لم يكن يبكى منذ برهة
يخرج من المسجد وهو فى حالة من التصالح الروحى الذى لم يشعر به منذ امد بعيد
يتذكر انه لم يصلى منذ امد بعيد جدا
ربما كان بعده عن الصلاة هو سر المصائب التى تتوالى على رأسه
يمشى ويستنشق الهواء الطلق ولا يأبه لاى مشاكل او مصائب
انه يعتمد على الله ويسلم اليه امره
يبتسم وهو عائد الى بيته ويسأل نفسه
كيف يسهو عن الصلاة واسمه
عماد الدين
كيف ؟
ومنذ حدوث هذا الموقف
ومنذ هذا اليوم
وهو يواظب على الصلاة فى جماعة وقد تقرب من الله اكثر واكثر
وكانت هذه هى بداية النهاية لكل مشاكله

هناك 3 تعليقات:

Nada يقول...

حلوه جدا جدا ماشاء الله
جميل اوي نوع الكتابه دي اللي بيعبر عن حياة اللي كتب
ليك من ى كل التقدير وربنا يوفقك ويسعدك

سما يقول...

(ولكن..اه من هذه الكلمة التى تمزق سقيان امم وشعوب)عاجبتنى اوى الجمله دى..عايزة اقولك انى عيطت وانا بقرأها ومقدرتش اكملها للاخر..انا اسفه سامحنى

محمد سمير يقول...

ندى .. ربنا يوفقك ويسعدك ويخلى ايامك كلها افراح

سما ... انا اللى اسف لانك عيطى