ايه رأيك فى المدونة ؟

الأحد، 7 فبراير 2010

فى العشة المقابلة لعشتنا ...


فى العشة المقابلة لعشتنا تجلس على كرسى الانتريه الوثير الذى لاتبدل ابدا جلستها عليه

بعيون لا ترى كانت تنظر فى اتجاه البحر وتقول شىء ما غير مهم لمديرة منزلها ( بلاش نقول الشغالة ) على سبيل تزجية وقت الفراغ

.. فى الواقع هى تعيش 24 ساعة من الفراغ فهى المرأة المسنة العجوز التى كسرت السبعين ربيعا تاركة اربعة ابناء وبنتان

تزوجوا جميعا وانجبوا البنين والبنات وقد اشتروا لها هذه العشة فى رأس البر كى تنعم بالهواء الطلق ووفروا لها مديرة المنزل (ايوة

بلاش الشغالة ) كى تقضى لها احتياجاتها وهم بالطبع يشعرون بتأنيب ضمير خفى لانهم اختارورا الاختيار الاكثر وقاحة ودناءة و

أراحوا نفسهم من توبيخ زوجاتهم فبدلا من استضافة العجوز فى بيت احدهم قاموا بشراء العشة لها للاستراحة من هذا العناء ( وجع

الدماغ ) المتعلق بأمهم

بالتأكيد كانت تجلس امامى فى الناحية الاخرى وانا اضع فى قائمة التشغيل للام بى ثرى اغنية محمد العزبى الخالدة ( عيون بهية )..

بالتأكيد نظرت لى بعينيها الذابلتين وعلى ثغرها ابتسامة شجن دافئة من طراز ( ايوة كده )

اغنية (عيون بهية) ... كانت شهرتها بالطبع مثل شهرة ( الليلادى ) هذه الايام

ابتسمت وهى تتعايش بانسجام مع صوت العزبى القوى متذكرة بعض مشاهد الشباب الباسم مع الحاج ( الله يرحمه ) ربما كان الحاج

يحب سماع هذه الاغنية وهو ينظر اليها فى حنان واعجاب فهى بالطبع كانت جميلة يوما ما

كانت تتمنى ان تكون ( ساعتها قبل ساعته ) كى تموت قبله و لا ترى انشغال الابناء عنها وجحودهم الفج حيث انهم لا يذهبوا اليها الا

فى المناسبات... طالما حلمت بالمكوث وسط احفادها لكن وأسفاه قام ابناؤها بحرمانها من هذا الترف وهى ابدا لم تكن ثقيلة على

زوجاتهم بل كانت تعاملهم كبناتها ...

اغرورقت عيناها بالدموع عندما تذكرت حفيدها الاول من ابنها الاكبر وشعرت بحنين جااارف اليه واشتاقت الى ضمه لصدرها ...

نظرت بعين لا ترى الا مالا نهاية وهى تقول بعد ان تنهدت ...( وحشنى اوى )

سقطت الدموع على كف يدها الذى ملأته التجاعيد وحفرت العروق البارزة الطرقات والأخاديد على ظهر اليد الاخرى فنظرت العجوز الى

يدها وكأنها ترى الماضى وتتذكر كم رفعت بهاتان اليدان اطفالها الست وضمتهم بهما الى صدرها ... لكن من يتذكر منهم ... من ؟؟

تذكرت سماجة ابنتها الصغيرة التى تنام طوال النهار وتصحو طوال الليل تصرخ باصرار واستماتة

استرجعت براءة ابنها الاوسط الذى كان لا يقوى على النوم بدون ان تمسك يده اليمنى التى كانت ضعيفة فى هذا الحين لكنها قوت

واشتدت بمرور الزمن لدرجة جعلت هذه اليد - يد ابنها - تمسك بالقلم وتوقع على شراء هذا السجن الابدى المنفى فى راس البر

والذى يسموه بالعشة كى ( تستريح فيها الحاجة وتشم الهوا )

عبثا يحاولون التملص من تأنيب ضمائرهم

تتداعى الذكريات الى عقلها المنهك العجوز فترى ابنتها الصغيرة وهى تلد حفيدتها الاجمل وتتذكر كيف سهرت بهذه الحفيدة ايام وليالى

لان صحة ابنتها لم تكن على مايرام بعد الوضع ... هذه البنت كانت هى صاحبة فكرة عزلها فى هذه العشة .....

ويستمر تداعى الذكريات فترى ابنها الذى تخرج من كلية الطب واصبح - دكتور قد الدنيا - وتذكر انها باعت - الصيغة - كى يشترى

كتبه ويعيش مستورا بين اصحابه

تذكر ايضا ان هذا الولد بعد ان تزوج وكانت تقيم عنده ... قام بطردها لان زوجته سأمت شخيرها ليلا - بالرغم من ان زوجته تنام فى

طابق اعلى من الطابق التى تنام هى فيه

اثنان من الاطباء واخرى معلمة والباقى خريج تجارة وحقوق - كلهم خريجو مؤهلات عالية - لكن هذا لم يشفع لها وابدا لم يتعلموا

شيئا بين جنبات المدارس والجامعات حيث انهم فى النهاية رموها رميا فى عشة برأس البر كى ( تستريح فيها الحاجة وتشم الهوا )



مخطئون لو تصوروا للحظة انها راضية عنهم

كم اشتاقت لرؤية الاحفاد .....

تجلس مستغرقة فى خضم الذكريات فتغير من وضعها وتنظر الى الشاب السمج الذى تمقته والذى يسكن بجوارها ( اللى هو أنا ) دائما

ما يرفع من صوت الجهاز الاسود العملاق هذا ( ال SUB ) ولكن عزاؤها الوحيد ان هذا الشاب يسمع اغانى جميلة فعلا تعيدها

بخطى سريعة الى الزمن الجميل والايام الخوالى ..

مديرة المنزل التى ترافقها تعرض عليها ان تذهب لتوبخه كى يخفض صوت هذا الكاسيت فتمنعها وتستغرق مع صوت ميادة وهى تقول

- زمان كان لينا بيت - تذكر ان اول مرة سمعت فيها هذه الاغنية كان وهى تجلس مع زوجها والاربعة اولاد والبنتان على العشب

الاخضر فى الحديقة المجاورة لمنزلهم والتى كانوا يجلسوا بها عصر كل جمعة

كانوا فقراء جدا لكنهم كانوا جدا سعداء

اولادها الان صاروا اغنياء لكنه الغنى الذى أتى على رأسها لانهم لو كانوا فقراء ما استطاعوا تحمل نفقات شراء عشة وكانوا رضخوا

للامر الواقع ومكثت عند اى منهم تستمتع بمجالسة الاحفاد وقص الحكايات والقصص على اذانهم الصغيرة ....

هى الان تجلس فى نفس الوضع ولا تغير من حركتها لمدة ست ساعات

تجلس ساعات وساعات تنظرمن ( البرندة ) الى الناس القادمة والاتية وهى لا تراهم ... هى لاترى سوى جحود الابناء ولا تتأمل الا فى سخريات الحياة ...
تتمنى لو مااتت قبل ان تعش هذه الظروف التعسة ... كانت تفضل الجلوس فى منزلها الذى شهد قصة الكفاح الخالدة لكنها تذكرت

مقولة ابنها الجشع بعد ان مات ابيه ( الحتة دى بقت نضيفة اوى والشوارع طلعت عليها والمتر هنا بفلوس.. احنا لازم نبيع البيت )

هى تحفظ هذا الولد كظهر يدها وتدرك جيدا انه جشع طماع منذ ان ولد ...

كان يخطف من اخوته البنات الطعام عندما كانوا صغارا ...

تستغرق فى تأملاتها وقد انهكها التفكير واشعلت الذكريات الجروح المفتوحة فى قلبها الواهن ....

مريضة هى واهنة ضعيفة عاجزة أكل عليها مرض السكرى ( السكر ) وشرب ...

.....................

مديرة المنزل تعد شيئا غير مهما للحاجة كى تفاجئها به فى ( البرندة ) وتخفف عليها وتخرجها من حالة الكأبة التى زادت فى الاونة

الاخيرة ...

وبينما هى- مديرة المنزل - مستغرقة فى عمل الشىء الغير مهم تسمع صوت ارتطام شىء ما بالارض فتهرع الى ( البرندة ) لتجد

الحاجة وقد سقطت من على الكرسى فجأة وارتطمت بالارضية الباردة وقد فر الدم من رأسها يمنة ويسارا كى يجرى فى التجاويف

الضيقة بين مربعات السيراميك الذى يغطى كل ركن من اركان العشة التى اشتروها لها كى ( ترتاح فيها الحاجة وتشم الهوا ) ...

نظرت مديرة المنزل الى الجثة غير مصدقة للمشهد المترائى لها ويبدو ان وظائف الصراخ فى حلقها قد توقفت عن العمل ...

ومن بعيد يأتى من العشة المقابلة التى يقطن بها الشاب السمج صوت محمد العزبى القوى يردد باصرار ...



ظلموا البنية

ظلموا البنية

هناك 3 تعليقات:

Nada يقول...

انت بتكتب قصص حلوه اوي وتتعاش اثناء القراءه ...... قصه تراجيدي صعبه اوي
بجد ربنا يحميك وموهبتك تزيد وتكبر اكتر كمان
ان شاء الله هتنجح فيها مستقبليا
انا متاكده

دمت بخير

Nada يقول...

انت بتكتب قصص حلوه اوي وتتعاش اثناء القراءه ...... قصه تراجيدي صعبه اوي
بجد ربنا يحميك وموهبتك تزيد وتكبر اكتر كمان
ان شاء الله هتنجح فيها مستقبليا
انا متاكده

دمت بخير

سما يقول...

لما قرأت كلامك..كنت بفكر فى رد اقوله ويقدر يوفى حق موهبتك..بس بجد انا مكسوفه من نفسى اوى..فعلا يا محمد سامحنى مش لاقيه كلام................